تقييم جماعي لمعركة اسقاط التعاقد
2019-07-18
اكتب تعليق
الجزء الثالث
آفاق: منظور ومقترحات عمليةبعد مرحلة تقييم المعارك التي خاضتها التنسيقية الوطنية، والوقوف على مكامن الخطأ لتصويبه ومكامن الصواب لتقويته في علاقتنا مع قواعدنا التي تتسم بالوضوح والقيم الديمقراطية، غدا لزاما الانتقال إلى مرحلة أكثر أهمية وهي وضع تصور لنضالاتنا بمثابة بوصلة ومنارة تنير دروب معاركنا وكإجابة موضوعية لأفق المعارك مستقبلا.
في النضال لا تكون النتائج نهائية أبدا. انتهى شوط وستنطلق أشواط أخرى علينا الاستعداد الجيد لها. إن الطريقة التي انطفأت بها معركتنا تشبه هبوطا اضطراريا لطائرة نفذ وقودها، لكنها حطت بسلام ما يفتح باب الإقلاع مجددا. لقد دخلنا معركة التعاقد دون ما يكفي من زاد برنامجي وتجربة نضالية وخبرة تنظيمية، لكن نار المعركة الأخيرة أنضجتنا.
سيحاول الجزء الثالث والأخير من التقييم، استجلاء آفاق المعركة بما يضمن تفادي نقاط قصورها ويكرس نقاط قوتها.
1- منظور المعركة
سيستمر النضال ضد مخطط التعاقد، لا محالة. لكن الانخراط في المعركة بنفس المنظور السابق الذي تناولنا جوانب قصوره في الجزء الثاني من التقييم، يعادل اقتراف مزيد من الأخطاء وجعل شروط النصر أصعب.إن النضال مثل الإبحار في محيط متلاطم الأمواج، يحتاج بدوره إلى بوصلة. لا يكفي حماس البحارة واستماتتهم كي تسير السفينة في الاتجاه الصحيح.
يستدعي الطور الحالي من المعركة تدقيقا للشعارات والمطالب وتسديدا للمنظور العام للنضال وشحذا للتنظيم. لذلك يجب توفر أربع شروط لا غنى عنها لضمان انطلاقة جديدة لنضالنا:
- تقوية التنظيم ودمقرطته والدفاع عن جماهيريته. (السفينة)
- الحرص على حق جماهير الأساتذة في تقرير وتسيير معركتهم بكل ديمقراطية. (البحارة)
- إيلاء الأهمية للعمل النظري: التثقيف من أجل العمل. (البوصلة)
- تحسين شروط المعركة بتوسيع حاضنتها الشعبية: العمل الوحدوي، التواصل مع الرأي العام. (الأسطول).
أول ما علينا إدراكه هو أن النضال ضد مخطط تعاقد تعتبره الدولة "استراتيجيا"، مخطط جرى إعداده على نار هادئة منذ 1999، يستدعي بدوره نضالا طويل النفس؛ الرغبة مهما كانت قوية لا تحل محل الواقع الموضوعي، وموسم جني مبكر سيقطف ثمارا غير ناضجة.
أكدنا في الجزء الأول من التقييم أننا نشكل الكتيبة الأمامية لجيش شغيلة الوظيفة العمومية، ولكننا لا نشكل جيشا قائم الذات وقادرا على خوض الحرب نيابة عن بقية الفيالق. أجبرت معركتنا الدولة على إشهار ما كانت تضمره لقطاع الوظيفة العمومية: تعميم أساليب تدبير القطاع الخاص على القطاع العام. ووضعت الدولة لهجومها سقفا زمنيا محددا.
إن جيش شغيلة الوظيفة العمومية قادم لا محالة. ما علينا، نحن الكتيبة الطليعية إلا الصمود في الصفوف الأمامية وحماية خطوط الدفاع في انتظار التحاق بيارق جيش الشغيلة العظيم... وآنذاك سيكون لكل مقام مقال.
2- الجانب التنظيمي:
التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد مكسب تنظيمي مهم، تعمل الدولة لتفكيكه بجميع أنواع القمع المادي والتعتيم الإعلامي وإفقاد الأساتذة الثقة في أداة نضالهم.لقد أولينا اهتماما كبيرا لهدف النضال (الإدماج في الوظيفة العمومية وإسقاط التعاقد) في حين لم نول العناية اللازمة لوسيلة تحقيق هذا الهدف: تنظيم التنسيقية الوطنية وتقوية هياكلها ودمقرطتها. يفترض هذا إعطاء أهمية قصوى للجانب التنظيمي.
أ- الجموع العامة
يعتبر الجمع العام ملتقى الأساتذة الطبيعي لنقاش كل ما يخص معركتهم، خاصة جانبها التقريري. وأي تبخيس لدور الجمع العام يعبر عن رفض حق الأساتذة الأصيل في تقرير وتسيير نضالهم. لذلك علينا الحرص على:
- عقد الجموع العامة بدورية منتظمة.
- تكثيف التعبئة وتشجيع وحث الأساتذة لحضور هذه الجموع.
- تقوية الجموع العامة بتشكيل لجان المؤسسات والتأكيد على الدور الحيوي لمنسقي هذه اللجان (حفز الانخراط).
- فرز لجان دائمة للتعبئة لكل المحطات النضالية وتشجيع وتحفيز الأساتذة للحضور للجموع العامة والمشاركة الفعلية في تقرير مصيرها.
المجلس الوطني أعلى هيئة تقريرية. وعليه، يجب أن يضمن كامل حقوق النقاش الديمقراطي والجماعي لكل ما يخص معركتنا، وليس فقط تسطير برامج النضال. ليس معقولا حصر مهمة المجلس الوطني في المصادقة على خلاصات الجموع العامة، بل مركزة النقاش وتنظيمه.
ليس المجلس الوطني فسيفساء آراء يجري التوفيق بينها بصيغ التوجه العام وتفريغ خلاصات الجموع العامة، بل عليه أن يمثل هيئة أركان حقيقية "تَقُودُ" النضال بناء على منظور جرت صياغته بالنقاش الديمقراطي والجماعي.
ولتمكين المجلس الوطني من مركزة النقاش يستحسن اعتماد التقارير صعودا من الجموع العامة وهبوطا نحوها:
- تقارير جميع المجالس الوطنية لتمكين المكاتب المحلية والجهوية من الاطلاع على خلاصات المجالس ومجرياته وتتبع النقاش بشكل منظم.
- صياغة ملحق للبيان يوضح كل المهام الملقاة على المكاتب محليا وجهويا بعد المجلس وأثناء خطوات النضال المبرمجة.
- فرز لجان وظيفية تتوفر فيها الشروط اللازمة للقيام بمهامها، بناء على مخرجات المجلس الوطني.
ج- الهياكل الجهوية والإقليمية
على الهياكل المحلية أن تعكس حقيقة انغراس التنسيقية في صفوف الأساتذة، وتقويتها رهين بانخراط الأساتذة الكثيف في جميع أوجه نشاط التنسيقية (النقاش، التقرير، التسيير، المراقبة، المحاسبة).
لهذا لا يصح حصر صلاحيات المكاتب الجهوية والإقليمية في تسيير إداري محض، بل يجب أن تكون فعالة في حفز انخراط الأساتذة (التطبيق) وتكثيف التعبئة في صفوفهم للإبقاء على الاستعداد النضالي متقدا: المواقع التنظيمية مسؤولية نضالية وليست تدبيرا إداريا رتيبا.
يقتضي هذا دورية منتظمة لعقد اجتماعات هذه المكاتب ورفع تقارير الجموع والاجتماعات للهيئات العليا (مكاتب جهوية، مجلس وطني).
د- الورقة التنظيمية
تميز نضال تنسيقيتنا منذ بروزها بضعف تمثل في عدم تفعيل الورقة التنظيمية لضبط اشتغال الهياكل محليا ووطنيا وجهويا. كما أن أكبر تَحَدٍ يواجهنا اليوم هو تثبيت مبادئ الديمقراطية والاستقلالية تفاديا لأي منزلقات تكرس الفوضى التنظيمية والمسلكيات الانفرادية.
إن الاستفادة من الطاقات النضالية لكافة مناضلي ومناضلات التنسيقية وتفعيل أجهزتها التنظيمية بما يؤسس لممارسة تنظيمية ديمقراطية تعطي لكل الأساتذة والأستاذات حق التقرير والتسيير، يقتضي ضرورة وضع ورقة تنظيمية بمثابة نظام أساسي، يصادق عليها الأساتذة في الجموع العامة، تتضمن جميع الأمور المتعلقة بالتنظيم مثل:
* تدقيق مهام الهياكل (تمييز صلاحيات التقرير عن التنفيذ).
* تحديد مهام كل عضو داخل الهياكل.
* تحديد صلاحيات اللجان (القارة منها: لجنة الإعلام) أو المؤقتة (لجنة الحوار) والتأكيد على عدم امتلاكها صلاحيات التقرير.
* التنصيص على تفعيل آليات المحاسبة.
ه- دور جماهير الأساتذة
ينبع الحرص على حق الأساتذة في تقرير وتسيير كل أوجه نشاط التنسيقية، من إيمان عميق بقدرتها على العطاء والاستماتة النضالية. إيمان مَبْنٍ على أن الأساتذة ليسوا محض "منفذ لما يقرره المجلس الوطني"، لذلك على تنظيمنا تسهيل هذه المهمة لا إعاقتها:
- فتح باب التنظيم أمام كل من يرى في نفسه القدرة على تولي مهام تنظيمية.
- جعل الحضور لأشغال المجلس الوطني على قاعدة الانتداب وبشكل تداولي.
- الانتباه إلى اللغة المستعملة في النقاش، فلغة غارقة في النخبوية ستجعل الأستاذ يحس بعجزه أمام من يتقنها.
3- العمل الوحدوي
لعل أهم الدروس التي يمكن استخلاصها اليوم من تجربتنا وهو أن الدولة لن تتراجع عن مخطط التعاقد دون نضال وحدوي ومعركة طويلة النفس، نضالات كل الشغيلة من المفروض عليهم التعاقد ومرسمين بكافة القطاعات.أول درس هو تفادي الوقوع في أخطاء الماضي. ولن يتم ذلك إلا بفتح نقاشات جدية حول العمل الوحدوي بين الأساتذة انطلاقا من الجموع العامة من أجل وضع تصور واضح المعالم وبلورة خطة عملية لانخراط فعلي في الخطوات الوحدوية:
- إغناء التنسيق المركزي، بتأسيسه على مستوى الفروع الإقليمية للتنسيقية والفروع الإقليمية للنقابات وباقي التنسيقيات.
- موائد مستديرة ولقاءات تفاعلية حول واقع التعليم والتشغيل بالمغرب بتنسيق مع كل الفاعلين في القطاع.
- عقد لقاءات تواصلية مع كل المعنيين بمخطط التعاقد بباقي القطاعات من أجل التنسيق الميداني (طلبة الطب والصيدلة والتمريض والهندسة).
فاقم "العمل بموجب عقود" أوضاع البؤس الذي تعيشه كل شغيلة المغرب، سواء في القطاع العمومي (التدبير المفوض) أو في القطاع الخاص (المقاولة من باطن، التداريب). لن يستقيم نضالنا إلا حين نتخلص من رؤيتنا القطاعية ونعتبر نفسنا قسما من شغيلة المغرب كافة، لهذا فإن معركة ضد إضفاء المرونة والهشاشة على شروط استغلال الشغيلة تطرح نفسها كواجب نضالي أولوي.
ستكون البداية حيث توقفت معركتنا (أبريل) بتعزيز تنسيقنا مع باقي التنسيقيات، عن طريق عقد لقاءات تواصلية، من أجل تقييم التجربة وفتح نقاشات وتدارس إمكانيات تطوير وتوسيع التنسيق.
إن استشراف آفاق معركتنا اليوم لا يمكن أن يكون خارج سياق ما أعدته الدولة من ترسانة وقوانين لنزع سلاح الشغيلة الوحيد للدفاع عن مصالحها: الحق في الإضراب.
يشكل النضال ضد تمرير مشروع قانون الإضراب أرضية التقاء مع حلفائنا في النضال. إن وسيلة النضال (الإضراب) في خطر، ولا يمكن مواجهة هذا القانون (على غرار باقي هجمات الدولة) بقوى نضال معزولة بعضها عن بعض.
4- عملنا الإعلامي والتواصلي
يحتل الإعلام مكانة مهمة في النضال، إنه أداة قصف أيديولوجي في ید الدولة ويجب أن يكون العكس عند قوى النضال: فتح أعين الشغيلة علی جذور ما تعيشه من اضطهاد وتبيان سبل النضال ضده.يشكل الإعلام واجهتنا الخارجية، لذلك فالاهتمام بأدائنا الإعلام أمر حيوي لحشد الدعم الشعبي والحد من مفعول أضاليل الدولة. نقترح في هذا الباب:
- اقتصار دور مواقع التواصل الاجتماعي على التعريف بالقضية، والتشهير بمخططات الدولة التخريبية وخطورتها.
- السهر على تسيير وضبط المجموعات والصفحات المحلية بمواقع التواصل الاجتماعي (واتساب- فيسبوك).
- المرافعة على الملف على مستوى الاعلام المحلي والدولي.
- برمجة ندوات صحفية للتعريف بملفنا المطلبي وفضح هجومات الدولة على مكتسبات الشغيلة التعليمية وتعرية شعاراته أمام الرأي العام.
- لجان متخصصة للتعبئة اليومية للخطوات والبرامج النضالية مع التركيز على قدرات المنتمين لهذه اللجان للقيام بهذه المهام (خاصة الاعلام الخارجي).
- تطوير وتوسيع أسلوب توزيع المناشير في الأسواء والأحياء الشعية والجامعات.
على سبيل الختم
يهدف مخطط التعاقد إلى تدمير وحدة الشغيلة، وقد قطعت الدولة أشواطا كبيرة في هذا الاتجاه. إن بلورة دقيقة لملف مطلبي كفيل بإيجاد أرضية التقاء نضالي يعيد بناء تلك الوحدة.
خرجنا منذ اليوم الأول من أجل مطلب رئيس هو: إسقاط مخطط التعاقد والإدماج في الوظيفة العمومية. لكننا جزء من شغيلة تعليم تناضل من أجل تحسين شروط العمل (الأجور، الترقية، التقاعد) وشروط النضال (الحق النقابي).
إن المطلب الرئيس لا يلغي النضال من أجل انتزاع أكبر عدد ممكن من مكتسبات مؤطرة تشريعيا كالتي يحظى بها الموظف(ة) الذي يؤطره النظام الأساسي للوظيفة العمومية.
يقوي انتزاع المطالب الثقة في الذات ويبرهن أن النضال مُجْدٍ، فبتراكم خبرتنا وتطور نضالنا سنكون قادرين على توجيه الضربة القاضية لمخط التعاقد.
شرط تحقيق هذا هو تمتين الوحدة النضالية التي تسمح بخلق شلل شبه تام في القطاع. شلل يقتضي معارك نضالية نوعية، ومدى تأثيرها خاصة في الأوساط الحضرية، والاعتماد على إحصائيات دقيقة لعدد الأساتذة العاملين بالمدن، وكذا طبيعة وقوة العلاقة مع الأطراف الحليفة.
ندرك جيدا أن معركتنا لم تراوح بعد طورها الدفاعي، بل تَعَمَّقَ بعد تراجع المعركة الأخيرة. معرکة دفاعية بکل ما تعنیه الکلمة من معنی: التقاط الأنفاس، تجميع الصفوف، إعادة البناء التنظيمي، البحث عن حلفاء. لذلك، فاعتماد أساليب هجومية في معركة دفاعية سيدفع بها مرة أخرى نحو مأزق أسوء. الهجوم قادم لكن يجب إنضاج شروطه، بناء على ما اقترحناه أعلاه.
لا زال نضالنا مستمرا من لأجل:
- إسقاط مخطط مخطط التعاقد والإدماج الفوري في أسلاك الوظيفة العمومية ضمن نظام أساسي موحد يضمن العمل القار.
- إلغاء جميع المخططات والقوانين التي تضرب مجانية التعليم وتنص على التعاقد (الميثاق الوطني للتربية والتكوين، القانون الإطار...).
- إسقاط مخطط التقاعد.
- إسقاط مشروع قانون الإضراب.
- إلغاء الاقتطاع من الإضراب، ورد المبالغ المقتطعة.
- إرجاع الأساتذة المطرودين.
- حقنا في الحركة الانتقالية الوطنية.
- الانخراط في الصندوق المغربي للتقاعد إلى جانب زملائنا المرسمين.
- معايير موحدة وجماعية للترقية: الأقدمية والاختبار والشهادة، بدل معيار المردودية الفردية.
- المطالبة بالتكوين المستمر والجيد، يضمن تكوينا بيداغوجيا علميا يراعي المستجدات التربوية والتحولات المجتمعية والتقدم التكنولوجي.
- رفع الأجور وصرف التعويض عن الاشتغال بالمناطق النائية.
- تخفيض ساعات العمل: إلغاء الساعات التضامنية وتعويضها بمناصب شغل.
- تقليص عدد التلاميذ في الأقسام وتوفير البنية التحتية والوسائل البيداغوجية، بما يسمح بتوفير شروط التعلم في ظروف ملائمة.
- القطع الفوري مع كافة أنواع التسلط الإداري والمؤسساتي عبر تجريم الشطط في استعمال السلطة، وتحقيق مبدأ القانون فوق الجميع، وفق التشريعات والعقود المؤسسة للعمل وسط الحقل التربوي بما يمنع أي شكل من أشكال الاستغلال والتمييز.
التنسيقية الإقليمية مديرية شيشاوة: محمد ايت حمد
التنسيقية الإقليمية مديرية الرحامنة: بشرى لكفول
التنسيقية الإقليمية مديرية تازة: منعم دراجي
التنسيقية الإقليمية مديرية الصويرة : برهمان رجاء
التنسيقية الإقليمية مديرية النواصر: محمد اليوسفي
التنسيقية الإقليمية مديرية النواصر: عثمان الرحموني
التنسيقية الإقليمية للدريوش: سهام الماكريني
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد

0 الرد على "تقييم جماعي لمعركة اسقاط التعاقد"
إرسال تعليق